السبت، 3 سبتمبر 2011

الشيخ محمد علي زرؤم

[ || ]
شموع تنير الظلام :



الشيخ الداعية محمد على زرؤم
عمر جابر عمر

فى حياتنا تبرز من حين الى آخر شموع تنشر الفرح وتبدد الظلام الذى يحيط بالوطن والمواطنين. ولكن لأن جرعة اليأس وصلت فى نفوس الأرتريين درجة عالية فانهم لا يلتفتون الى تلك الشموع ويعتبرونها استثناء ومظاهر عابرة ستختفى مثلها مثل كل جميل فى حياتهم. ولكن الحقيقة هى ان تلك الشموع موجودة بيننا ومن حولنا وأمامنا ومن خلفنا – فى كل مجالات الأبداع والنجاح : فى الأدب والفن والرياضة والعلوم والأقتصاد والأجتماع – فقط علينا أن نضعها فى موضعها الصحيح ونحتفل بها ومعها فى كل خطوة نجاح وابداع – ذلك هو الطريق الذى نهزم به اليأس ونبدد الظلام ونجعل حياتنا ضياءا وفرحا وسعادة.
وهذه المرة نتوقف عند شخصية نذرت نفسها لنشر رسالة العلم بين الأجيال بالجهد الذاتى
والمبادرة الشجاعة والمنهجية المحسوبة – انه الشيخ محمد على زرؤم مؤسس ومدير معهد عنسبا الاسلامي بمدينة كرن - ارتريا.
ولد الشيخ فى ( وازنتت) – عنسبا عام 1931 ونشأ فى بيئة تنتشر فيها قيم وفضائل التكافل والتراحم.كان فى تكوينه العقلى والنفسى طموحا يحب العلم ويتمتع بثقة فى النفس كبيرة وذكاء فطرى دفعه للبحث عن مراكز اشعاع العلم حيث هاجر الى السودان وتنقل بين خلاوى ومعاهد الدين يدرس ويتعلم دون كلل حتى وصل الى مرحلة شعر فيها ان حصيلته تؤهله ليبدأ نشر الرسالة بين قومه. عاد الى موطنه وافتتح معهده الدينى فى ( وازنتت) عام 1962 وعمل على توسيع قدرات وطاقة استيعاب المعهد ولكن بعد مجزرة ( عونا) انتقل الى كرن حفاظا على أرواح طلبته. توسع المعهد وأصبحت هناك أقسام للبنات وأخرى للبنين
وسافر المبعوثون الى المملكة العربية السعودية والأزهر والسودان وعاد منهم من عاد ليواصل التدريس فى المعهد. تعاقبت الأجيال وتنوعت المناهج من العلوم الدينية الى الرياضيات والجغرافيا واللغات ود روس الخياطة والتدبير المنزلى -- الخ
أصبح المعهد منارة علمية فى مدينة كرن و ( مصنعا) لتأهيل أجيال شغلت مواقع ادارية وعلمية فى الدولة والخارج. العلم ليس رسالة انسانية وحضارية فحسب بل هو سلاح لمواجهة تحديات الحياة – وهذا هو ما قدمه ذلك الشيخ الجليل والرائد غير المسبوق لأبناء وبنات ارتريا.
لم تكن المسيرة كلها وردية فقد تعرض المعهد فى زمن الأحتلال الأثيوبى الى حصار ومضايقات كان يمكن أن تؤدى الى اغلاق المعهد ولكن فطنة الشيخ وحنكته جعلته يبحر بالسفينة رغم العواصف الى شاطىء الأمان. تعلم الشيخ اللغة الأمهرية حتى يتواصل ويتفاهم مع ادارة الأحتلال ويأمن شرهم ويضمن سلامة طلابه. وجاء عهد الحرية وكان من المتوقع والمفترض أن يجد الرجل تكريما من الدولة واعترافا ودعما لجهوده فى نشر العلم – ولكن ما حدث كان عكس ذلك تماما. بدأت حملات التضييق والمطاردة ووصلت الى اعتقال المعلمين ليصاب المعهد بشلل نصفى ونقص فى عدد المعلمين. وحتى عندما جاء معلمون أرسلهم الأزهر رفضت الحكومة السماح لهم بالتدريس وأصبح المعهد يعتمد على متطوعين وعلى طلاب المراحل العليا لتدريس طلاب المراحل الأولية. انها رسالة متواصلة رغم كل التحديات والمصاعب ولكنها تتطلب مساهمات ودعم أبناء وبنات ارتريا فى المهجر حتى يستطيع المعهد أن يواصل رسالته النبيلة. لا بد من تقديم الدعم المالى العاجل حتى يشعر الطلاب أنهم فى أمان وأن مستقبلهم لا خوف عليه. ومن جهة ثانية فان الدعم سيمثل لمسة وفاء ووقفة تقدير لهذا الرائد الذى أنار شموعا تضىء حياتنا وتبدد الظلام عن طريق الأجيال الصاعدة – أطال الله فى عمره ومتعه بالصحة وجزاه الله كل خير لما قدم لهذا الوطن.
ومن المؤسسين لهذا المعهد السادة : ابراهيم مالك( ود مالك) – محمود بلال – برعيداى ثم تولى أبناء الشيخ المسئولية وما يزالون يواصلون المسيرة – نسأل الله أن يجزيهم خيرا ويجعله فى ميزان حسناتهم.
والى لقاء قادم مع شمعة تنير حياتنا.
_______________
تعريف بكاتب المقال: الأستاذ عمر جابر هو أحد القيادات السياسية الارترية وكاتب معروف. تبوء عدة مواقع قيادية ابان النضال من أجل تحرير ارتريا (1958 – 1991) من مؤسس وقيادي في الحركة الطلابية الارترية الى مسؤول اعلام في جبهة التحرير الارترية – التنظيم الموحد. والآن ينشط في ساحة الحوار السياسي والفكري الارترية من موقعه في أرض المهجر بأستراليا وله مؤلفات و أشعار تغنى بها فنانو الثورة الارترية.

لا تعليق

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة