الجمعة، 14 أكتوبر 2011

اسياس أفورقى : سرق الفرحة من إرتيريا والإرتيريين

[ || ]
اسياس أفورقى : سرق الفرحة من إرتيريا والإرتيريين




مُسـوح الأنبياء التى يتدثر بها الرئيس الإرتيرى إسياس أفورقى ، ليبدو بمظهر رسول سلام فى المنطقة ، قد تكون مقبولة بعض الشىء إذا جاءت من رئيس دولة يوفر الحد الأدنى من الحرية والديمقراطية لشعبه ويحاور معارضيه وخصومه بطريقة أخلاقية لتكون أنموذجاً ومعيناً له فى مهمته الرسالية التى يود القيام بها بين الشعوب ، كما هو معروف أومتعارف عليه ، لا كما يفهمها أفورقى وغيره من الديكتاتوريين .
فأفورقى الذى خاضت بلاده كفاحاً مسلحاً ضد الأنظمة الإثيوبية على مدى ثلاثين عاماً وقــُتل وتشرد خلالها مئات الآلاف من الإرتيريين حول العالم وبينه ، إبتداءً من دول الجوار وعلى رأسها السودان الذى تقاسم معهم ( الكِسْره ) والماء والسكن ، مما جعل الكثير منهم يحن بل يُفضل العيش فى السودان على إرتيريا أفورقى ، الذى لم يستفد من التجارب العديدة حوله أو تحت قدميه من الديكتاتوريين والقتلة وسارقى قوت الشعب ، فحوّل إرتيريا إلى سجن ٍ كبير ٍ ليصبح معها السجّان الأكبر فى القارة دون منازع .
فأفورقى الذى إلتحق فى العام 1965 م بجبهة تحرير إرتيريا التى إنطلقت فى العام 1961 م بقيادة حامد عواتى  بالرغم من تحفظاته على أنها إتجاه إسلامى وأنهم يريدون ضم إرتيريا إلى الجامعة العربية وشعوره بالإضطهاد كمسيحى وسط أغلبية مسلمة ، ولكنه ما لبث أن إنضم إلى الجناح المنفصل عنها عام 1972 م بإسم قوات التحرير الشعبية بقيادة عثمان صالح سبى ، ولكن طموحاته وشعوره بالغبن من وضعه كمسيحى فى مرتبة لا تُرضى تطلعاته وسط  أغلبية مسلمة ساعده فى الإنشقاق أيضاً ليكوّن الجبهة الشعبية لتحرير إرتيريا فى العام 1977 م مع مجموعة من الأصدقاء والمقربين من بينهم رمضان محمد نور الذى أصبح الأمين العام لها فيما أضحى أفورقى نائباً له ، ولكن بعد مرور عام ٍ واحد ٍ إستطاع أفورقى أن يزيح الأمين العام لينفرد بقيادة الجبهة الشعبية التى يتكون جيشها المفصلي من أبناء المرتفعات وهم الإرتيريون المسيحيون ويتركزون فى ( سراي ــ أكلوا قـُُزاى ــ وإقليم حماسين مسقط  رأس أفورقى وغيرها من المناطق ) .
ومنذ إستقلال إرتيريا عن إثيوبيا وفى مقدمتها الجبهة الشعبية لتحرير إرتيريا فى 25/05/1991 م ، إستبشر الناس خيراً ( كما إستبشر السودانيون بثورة الإنقاذ فى الجوار ) ، لقد إستبشر الإرتيريون لأنهم وجدوا وطناً حراً ومستقلاً بعد نضال مرير وباهظ  الثمن ، لكن أفورقى سرق الفرحة من إرتيريا والإرتيريين بعد ذلك بأشهر ٍ قليلة ٍ ،  والشمس فى كبد السماء ، فقد بدأ فى إبعاد وتصفية حتى أقرب الأقربين إليه من أصدقاء ورفقاء سلاح الأمس لتصبح الكلمة كلمته ( والشوره شورتو ) .
ففى بداية مشواره التسلطى ظن الرجل أيضاً أنه فى غنى عن العالم العربى تحديداً ، وصرّح أكثر من مرة أن إسرائيل قد هزمت العرب بمفردها ، مما يوحى حسب زعمه أنه أيضاً يستطيع هزيمة من حوله إن تجرأ أحدٌ عليه ، سواءً من العرب أو الأفارقة ، ولمزيد ٍ من الكيد والنكاية الأفورقية ، سافر إلى إسرائيل عندما أصيب بالملاريا مفضلاً عليها كل الدول التى ساندته وأمدته بكل ما إحتاج إليه أثناء النضال ضد إثيوبيا قبل الإستقلال ، وقد ظن أيضاً أنه يمكن أن يكون رجل أمريكا فى القارة الإفريقية ( إذا تميزت علاقته مع إسرائيل ) لضرب نظام الجبهة الإسلامية ومشروعها الحضارى آنذاك بقيادة الترابي ، وقصم ظهر القاعدة المتنامى فى الصومال وبقية الدول الإفريقية ، ولكن الولايات المتحدة لم تأبه له ولا لنظامه ، بل تعاملت معه بحذر شديد إثر التقارير الكثيرة التى صدرت من عدة أطراف إقليمية ودولية ، بما فيها منظمات حقوق الإنسان عن الممارسات والإنتهاكات التى تتم بصورة ممنهجة فى بلاده ، فنفد صبره ووجد أن لا ملجأ له إلا الدول العربية من حوله فسارع إلى تحسين علاقاته بها فى رحلات مكوكية أقرب إلى التسـول منها إلى تحسين العلاقات أو المعاملة بندية ، إلى أن توجها أخيراً مع حكومة الإنقاذ .
ولكن الوضع داخل إرتيريا يظل هو الأسوأ ، إذ  لا زال الشعب الإرتيري يعانى الفقر والبطالة والمرض شأنه شأن معظم القارة الإفريقية ثم يُضاف إليها التجنيد الإجباري والأحكام العرفية الضمنية ، وقبضة رجال الأمن الذين يقرأون العيون والشفاه ، وزوار الليل الذين يجوسون خلال الديار ويختطفون من يشاؤون ويقتلون من يريدون ، ولا يملك أهل المختفى أو القتيل إلا الصمت ، والصمت التام حتى لا يلحقوا بذويهم فى الظلمات .
أفورقى الذى يتظاهر بانه رسول السلام فى إفريقيا ، كان الأولى به أن يتصالح مع شعبه أو بالأحرى المعارضة الإرتيرية التى نكّل بأبيها وأمها ، وآخرها بعد إتفاق أسمرا بين الإنقاذ وجبهة الشرق السودانية ، والذى بموجبه سلمت الإنقاذ بعض المعارضين الإريتريين لجلاديهم الأفورقيين ، وألقت بالكثيرين منهم على الحدود ليواجهوا مصيرهم المحتوم ، ضاربة عرض الحائط  مع أفورقى بكل القوانيين والأعراف الإنسانية إقليمياً ودولياً .
أما فيما يختص بمعسكر ( ساوا ) الشهير ، فهو ليس إلا منطقة لممارسة السخرة والإغتصاب للفتيات دون حسيب أو رقيب ، مما منع الكثير من الأسر الإرتيرية ، وخاصة المتواجدة فى الدول العربية ، من العودة إلى إرتيريا بعد الإستقلال وحتى الآن ، خوفاً على فتياتهم وفتيانهم ، ففى هذا المعسكر يُمارس قياديو الجبهة الشعبية كل أنواع الإذلال والبطش والترهيب والإضطهاد والسادية على أطفال قــُصر ومراهقين ، مما جعل العديد منهم يهربون صوب السودان ولكن أفورقى وزبانيته يعتقلون ذوى الهارب ويمارسون عليه كل أنواع الضغوط  حتى يعود المطلوب أو يظل هو فى السجن  ، وأما من ساء حظه وتم القبض عليه أثناء الهروب يُضاعف له العذاب أمام الآخرين ليكون عبرة لهم ورسالة واضحة لمن تسول له نفسه الفرار ، كما فضل آخرون الموت على قضاء فترة التدريب والتجنيد المفتوحة فى هذا المعسكر النازي الأفورقي .


المصدر

لا تعليق

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة